موقع شبكة الاسلام
1

سورة سُورَةُ ٱلْفَاتِحَةِ

مكية - 7 آيات

تفسير: جامع البيان في تأويل القرآن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴿1﴾

التفسير:

لا يوجد تفسير لهذه الآية

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿2﴾

التفسير:

لا يوجد تفسير لهذه الآية

ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴿3﴾

التفسير:

لا يوجد تفسير لهذه الآية

مَٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ ﴿4﴾

التفسير:

لا يوجد تفسير لهذه الآية

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿5﴾

التفسير:

لا يوجد تفسير لهذه الآية

ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ﴿6﴾

التفسير:

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)القول في تأويل قوله : اهْدِنَا .قال أبو جعفر: ومعنى قوله: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )، في هذا الموضع عندنا: وَفِّقْنا للثبات عليه، كما رُوي ذلك عن ابن عباس:-173 - حدثنا أبو كُريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو رَوْق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس، قال: قال جبريل لمحمد صلى الله عليه : " قل، يا محمد " اهدنا الصراط المستقيمَ". يقول: ألهمنا الطريق الهادي (112) .وإلهامه إياه ذلك، هو توفيقه له، كالذي قلنا في تأويله. ومعناه نظيرُ معنى قوله: (إياك نستعين)، في أنه مَسألةُ العبد ربَّه التوفيقَ للثبات على العمل بطاعته، وإصابة الحق والصواب فيما أمَره به ونهاه عنه، فيما يَستَقبِلُ من عُمُره، دون ما قد مضى من أعماله، وتقضَّى فيما سَلف من عُمُره . كما في قوله: (إياك نستعين)، مسألةٌ منه ربَّه المعونةَ على أداء ما قد كلَّفه من طاعته، فيما بقي من عُمُره.فكانَ معنى الكلام: اللهمّ إياك نعبدُ وحدَك لا شريك لك، مخلصين لك العبادةَ دونَ ما سِواك من الآلهة والأوثان، فأعِنَّا على عبادتك، ووفِّقنا لما ص[ 1-167 ] وفَّقت له مَن أنعمتَ عليه من أنبيائك وأهل طاعتك، من السبيل والمنهاج.فإن قال قائل: وأنَّى وَجدتَ الهدايةَ في كلام العرب بمعنى التَّوفيق؟قيل له: ذلك في كلامها أكثرُ وأظهر من أن يُحصى عددُ ما جاء عنهم في ذلك من الشواهد . فمن ذلك قول الشاعر:لا تَحْرِمَنِّي هَدَاكَ الله مَسْألتِيوَلا أكُونَنْ كمن أوْدَى به السَّفَرُ (113)يعنى به: وفَّقك الله لقضاء حاجتي. ومنه قول الآخر:ولا تُعْجِلَنِّي هدَاَك المليكُفإنّ لكلِّ مَقامٍ مَقَالا (114)فمعلوم أنه إنما أراد: وفقك الله لإصابة الحق في أمري.ومنه قول الله جل ثناؤه: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ في غير آيه من تنزيله. وقد عُلم بذلك، أنه لم يَعْنِ أنه لا يُبيِّنُ للظالمين الواجبَ عليهم من فرائضه. وكيف يجوزُ أن يكونَ ذلك معناه، وقد عمَّ بالبيان جميع المكلَّفين من خلقه؟ ولكنه عَنى جلّ وعزّ أنه لا يُوفِّقهم، ولا يشرَحُ للحق والإيمان صدورَهم.وقد زعم بعضهم أن تأويل قوله : (اهدِنا): زدْنا هدايةٍ.وليس يخلُو هذا القولُ من أحد أمرين: إما أن يكون ظنَّ قائلُه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أُمِر بمسألة الزيادة في البيان، أو الزيادةَ في المعونة والتوفيق .فإن كان ظن أنه أُمِر بمسألة رَبِّه الزيادة في البيان، فذلك ما لا وجه له؛ لأن الله جلّ ثناؤه لا يكلِّف عبدًا فرضًا من فرائضه، إلا بعد تبيينه له وإقامةِ الحجة عليه به. ولو كان مَعنى ذلك معنى مسألتِه البيانَ، لكانَ قد أمِر أن يدعو ربَّه أن يبين له ما فَرض عليه ، وذلك من الدعاء خَلفٌ (115) ، لأنه لا يفرض فرضًا إلا مبيَّنًا ص[ 1-168 ] لمن فرضَه عليه. أو يكون أمِر أن يدعوَ ربَّه أن يفرض عليه الفرائضَ التي لم يفرضْها.وفي فساد وَجه مسألة العبد ربَّه ذلك، ما يوضِّح عن أن معنى: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )، غير معنى: بيِّن لنا فرائضَك وحدودَك.أو يكون ظنّ أنه أمِر بمسألة ربه الزيادةَ في المعونة والتوفيق. فإن كان ذلك كذلك، فلن تخلوَ مسألتُه تلك الزيادةَ من أن تكون مسألةً للزيادة في المعونة على ما قد مضى من عمله، أو على ما يحدُث.وفي ارتفاع حاجةِ العبد إلى المعونة على ما قد تقضَّى من عمله (116) ، ما يُعلِمُ أنّ معنى مسألة تلك الزيادة إنما هو مسألتُه الزيادةَ لما يحدث من عمله. وإذْ كانَ ذلك كذلك، صارَ الأمر إلى ما وصفنا وقلنا في ذلك: من أنه مسألة العبد ربَّه التوفيقَ لأداء ما كُلِّف من فرائضه، فيما يَستقبل من عُمُره.وفي صحة ذلك، فسادُ قول أهل القدَر الزاعمين أنّ كل مأمور بأمرٍ أو مكلَّف فرضًا، فقد أعطي من المعونة عليه، ما قد ارتفعت معه في ذلك الفرض حاجتُه إلى ربِّه (117) . لأنه لو كان الأمرُ على ما قالوا في ذلك، لبطَلَ معنى قول الله جل ثناؤه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . وفي صحة معنى ذلك، على ما بيَّنا، فسادُ قولهم.وقد زعم بعضُهم أنّ معنى قوله: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) : أسْلِكنا طريق الجنة في المعاد، أيْ قدِّمنا له وامض بنا إليه، كما قال جلّ ثناؤه: فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [سورة الصافات: 23]، أي أدخلوهم النار، كما تُهْدَى المرأة إلى زوجها، يُعني بذلك أنها تُدخَل إليه، وكما تُهدَى الهديَّة إلى الرجل، وكما تَهدِي الساقَ القدمُ، نظير قَول طَرفة بن العبد:ص[ 1-169 ]لَعبتْ بَعْدِي السُّيُولُ بهِوجَرَى في رَوْنَقٍ رِهمُهْ (118)لِلفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِحَيْثُ تَهْدِي سَاقَه قَدَمُهْ (119)أي تَرِدُ به الموارد.وفي قول الله جل ثناؤه إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ما ينبئ عن خطأ هذا التأويل، مع شهادة الحجة من المفسِّرين على تخطئته. وذلك أنّ جميع المفسرين من الصحابة والتابعين مجمِعُون على أنّ معنى الصِّرَاطَ في هذا الموضع، غيرُ المعنى الذي تأوله قائل هذا القول، وأن قوله: " إياك نستعينُ" مسألةُ العبدِ ربَّه المعونةَ على عبادته. فكذلك قوله " اهْدِنا " إنما هو مسألةُ الثباتِ على الهدى فيما بقي من عُمُره.والعربُ تقول: هديتُ فلانًا الطريقَ، وهَديتُه للطريق، وهديتُه إلى الطريق، إذا أرشدتَه إليه وسدَّدته له. وبكل ذلك جاء القرآن، قال الله جلّ ثناؤه: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا [سورة الأعراف: 43]، وقال في موضع آخر: اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [سورة النحل: 121]، وقال: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ).وكل ذلك فاش في منطقها، موجودٌ في كلامها، من ذلك قول الشاعر:أَسْتَغْفِرُ اللهَ ذَنْبًا لَسْتُ مُحْصِيَهُ,رَبَّ العِباد, إليهِ الوَجْهُ والعَمَلُ (120)يريد: أستغفر الله لذنْب، كما قال جل ثناؤه: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [سورة غافر: 55] .ومنه قول نابغة بني ذُبْيان:فَيَصِيدُنَا العَيْرَ المُدِلَّ بِحُضْرِهِقَبْلَ الوَنَى وَالأَشْعَبَ النَبَّاحَا (121)يريد: فيصيدُ لنا. وذلك كثير في أشعارهم وكلامهم، وفيما ذكرنا منه كفاية.------------الهوامش :(112) يأتي بتمامه وتخريجه برقم 179 .(113) لم أعرف نسبة البيت ، وأخشى أن يكون من أبيات ودقة الأسدي يقولها لمعن بن زائدة . أمالي المرتضى 1 : 160 .(114) نسبه المفضل بن سلمة في الفاخر : 253 ، وقال : "أول من قال ذلك طرفة بن العبد ، في شعر يعتذر فيه إلى عمرو بن هند" ، وليس في ديوانه ، وانظر أمثال الميداني 2 : 125 .(115) أي رديء من القول . انظر ما سلف ص 165 رقم : 1 .(116) ارتفع الأمر : زال وذهب ، كأنه كان موضوعا حاضرا ثم ارتفع . ومنه : ارتفع الخلاف بينهما .(117) انظر ص : 162 التعليق رقم 2 .(118) ديوان الستة الجاهليين : 234 ، 237 ، والبيت الأول في فاتحة الشعر ، والأخير خاتمته . والضمير في قوله : "لعبت" للربع ، في أبيات سلفت . ورونق السيف والشباب والنبات : صفاؤه وحسنه وماؤه . ويروى : "في ريق" . وريق الشباب : أوله والتماعه ونضرته . وعنى نباتًا نضيرًا كأنه يقول : في ذي رنق ، أو في ذي ريق . والرهم -بكسر الراء- جمع رهمة : وهي المطرة الضعيفة المتتابعة ، وهي مكرمة للنبات . يقول : أعشبت الأرض ، وجرى ماء السماء في النبت يترقرق . والضمير في "رهمه" عائد على الغيث ، غائب كمذكور .(119) يقول : حيث سار الفتى عاش بعقله وتدبيره واجتهاده .(120) يأتي في تفسير آية سورة آل عمران : 121 ، وآية سورة القصص : 88 . وسيبويه 1 : 17 ، والخزانة 1 : 486 ، وهو من أبيات سيبويه الخمسين التي لا يعرف قائلها . قال الشنتمري : "أراد من ذنب ، فحذف الجار وأوصل الفعل فنصب" والذنب هنا اسم جنس بمعنى الجمع . فلذلك قال : "لست محصيه" . والوجه : القصد والمراد ، وهو بمعنى التوجه" .(121) البيت ليس في ديوانه . ومن القصيدة أبيات فيه : 23 ، (مطبوعة محمد جمال) ، والمجتنى لابن دريد : 23 ، يصف فرسًا . والعير : حمار الوحش . والحضر : العدو الشديد ، وحمار الوحش شديد العدو . والونى : التعب والفترة في العدو أو العمل . والأشعب : الظبي تفرق قرناه فانشعبا وتباينا بينونة شديدة . ونبح الكلب والظبي والتيس ينبح نباحًا ، فهو نباح ، إذا كثر صياحه ، من المرح والنشاط . والظبي إذا أسن ونبتت لقرونه شعب ، نبح (الحيوان 1 : 349) . يصف فرسه بشدة العدو ، يلحق العير المدل بحضره ، والظبي المستحكم السريع ، فيصيدها قبل أن يناله تعب .القول في تأويل قوله : الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .قال أبو جعفر: أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعًا على أن " الصراط المستقيم "، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب، فمن ذلك قول جرير بن عطية الخَطَفي:أميرُ المؤمنين عَلَى صِرَاطٍإذا اعوَجَّ المَوَارِدُ مُسْتَقيمِ (122)يريد على طريق الحق. ومنه قول الهُذلي أبي ذُؤَيْب:صَبَحْنَا أَرْضَهُمْ بالخَيْلِ حَتّىتركْنَاها أَدَقَّ مِنَ الصِّرَاطِ (123)ومنه قول الراجز:* فَصُدَّ عَنْ نَهْجِ الصِّراطِ القَاصدِ (124) *والشواهد على ذلك أكثرُ من أن تُحصى ، وفيما ذكرنا غنًى عما تركنا.ثم تستعيرُ العرب " الصراط" فتستعمله في كل قولٍ وعمل وُصِف باستقامة أو اعوجاج، فتصفُ المستقيمَ باستقامته، والمعوجَّ باعوجاجه.والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي، أعني: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )، أن يكونا معنيًّا به: وَفّقنا للثبات على ما ارتضيتَه ووَفّقتَ له مَنْ أنعمتَ عليه من عبادِك، من قولٍ وعملٍ، وذلك هو الصِّراط المستقيم. لأن من وُفّق لما وفق له من أنعم الله عليه من النبيِّين والصديقين والشهداء ، فقد وُفّق للإسلام، وتصديقِ الرسلِ، والتمسكِ بالكتاب، والعملِ بما أمر الله به، والانزجار عمّا زَجره عنه، واتّباع منهج النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومنهاج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وكلِّ عبدٍ لله صالحٍ، وكل ذلك من الصراط المستقيم.وقد اختلفتْ تراجمةُ القرآن في المعنيِّ بالصراط المستقيم (125) . يشمل معاني جميعهم في ذلك، ما اخترنا من التأويل فيه.ومما قالته في ذلك، ما رُوي عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال، وذكر القرآن، فقال: هو الصراط المستقيم.174 - حدثنا بذلك موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا حسين الجُعْفي، عن حمزة الزيات، عن أبي المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث، عن الحارث، عن عليّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم (126) .175 - وحُدِّثْتُ عن إسماعيل بن أبي كريمة، قال: حدثنا محمد بن سَلمة، عن أبي سِنان، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَخْتريّ ، عن الحارث، عن عليّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله (127) .176 - وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزُّبيري، قال: حدثنا حمزة الزيات، عن أبي المختار الطائي، عن أبن أخي الحارث الأعور، عن الحارث، عن عليّ، قال: الصِّراطُ المستقيم: كتاب الله تعالى ذكره (128)177 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال: حدثنا سفيان -ح- وحدثنا محمد بن حُميد الرازي، قال. حدثنا مِهْران، عن سفيان ، عن منصور عن أبي وائل، قال: قال عبد الله: " الصِّراطُ المستقيم " كتابُ الله (129)178 - حدثني محمود بن خِدَاشِ الطالَقاني، قال: حدثنا حُميد بن عبد الرحمن الرُّؤاسِي ، قال: حدثنا علي والحسن ابنا صالح، جميعًا، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: الإسلام، قال: هو أوسع مما بين السماء والأرض (130) .179 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عُمَارة، قال: حدثنا أبو رَوق، عن الضحّاك، عن عبد الله بن عباس، قال: قال جبريل لمحمد: قل يا محمد: ص[ 1-175 ] ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) يقول: ألهمنا الطريقَ الهادي، وهو دين الله الذي لا عوج له (131) .180 - حدثنا موسى بن سهل الرازي، قال: حدثنا يحيى بن عوف، عن الفُرَات بن السائب، عن ميمون بن مِهْران، عن ابن عباس، في قوله: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: ذلك الإسلام (132) .181 - حدثني محمود بن خِدَاش، قال: حدثنا محمد بن ربيعة الكِلابي، عن إسماعيل الأزرق، عن أبي عُمر البزّار، عن ابن الحنفية، في قوله : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: هو دين الله الذي لا يقبل من العِباد غيرَه (133) .182 - حدثني موسى بن هارون الهمداني، قال: حدّثنا عَمرو بن طلحة القنَّاد، قال: حدثنا أسباط، عن السدِّي -في خبر ذكره- عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس -وعن مُرّة الهمداني، عن ابن مسعود -وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: هو الإسلام (134)183 - حدثنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، عن ابن جُريج، قال: قال ابن عباس في قوله: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال : الطريق (135) .184 - حدثنا عبد الله بن كثير أبو صديف الآمُلي، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا حمزة بن المغيرة، عن عاصم، عن أبي العالية، في قوله: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )، قال: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحباه من بعدِه أبو بكر وعمر. قال: فذكرتُ ذلك للحسن، فقال: صدَق أبو العالية ونصح (136)185- حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: " اهدنا الصراط المستقيم "، قال: الإسلام (137) .186- حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، أنّ عبد الرحمن بن جُبير، حدّثه عن أبيه، عن نَوَّاس بن سمعان الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ضرب الله مثلا صراطًا مستقيمًا ". والصِّراط: الإسلامُ.187 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا الليث، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفير، عن أبيه، عن نَوَّاس بن سمعان الأنصاري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله (138) .قال أبو جعفر: وإنما وصفه الله بالاستقامة، لأنه صواب لا خطأ فيه. وقد زعم بعض أهل الغباء، أنه سمّاه مستقيمًا، لاستقامته بأهله إلى الجنة. وذلك تأويلٌ لتأويل جميع أهل التفسير خلافٌ، وكفى بإجماع جميعهم على خلافه دليلا على خطئه.---------الهوامش :(122) ديوانه : 507 ، يمدح هشام بن عبد الملك . والموارد جمع موردة : وهي الطرق إلى الماء . يريد الطرق التي يسلكها الناس إلى أغراضهم وحاجاتهم ، كما يسلكون الموارد إلى الماء .(123) ليس في ديوانه ، ونسبه القرطبي في تفسيره 1 : 128 لعامر بن الطفيل ، وليس في ديوانه ، فإن يكن هذليا ، فلعله من شعر المتنخل ، وله قصيدة في ديوان الهذليين 2 : 18 - 28 ، على هذه القافية . ولعمرو بن معد يكرب أبيات مثلها رواها القالي في النوادر 3 : 191 .(124) رواه القرطبي في تفسيره 1 : 128 "الصراط الواضح" .(125) تراجمة القرآن : جمع ترجمان : وأراد المفسرين ، وانظر ما مضى : 70 تعليق : 1(126) الحديث 174 - إسناده ضعيف جدًا . موسى بن عبد الرحمن المسروقي : ثقة ، روى عنه الترمذي ، والنسائي ، وابن خزيمة ، وغيرهم . مات سنة 258 ، مترجم في التهذيب . حسين الجعفي : هو حسين بن علي بن الوليد ، ثقة معروف ، روى عنه أحمد ، وابن معين ، وغيرهم ، بل روى عنه ابن عيينة وهو أكبر منه . وأخرج له أصحاب الكتب الستة . حمزة الزيات : هو حمزة بن حبيب ، القارئ المعروف . وتكلم في رواية بعضهم ، والحق أنه ثقة ، وأخرج له مسلم في صحيحه . أبو المختار الطائي : قيل اسمه : سعد ، وهو مجهول ، جهله المديني وأبو زرعة . ابن أخي الحارث الأعور : أشد جهالة من ذلك ، لم يسم هو ولا أبوه . عمه الحارث : هو ابن عبد الله الأعور الهمداني ، وهو ضعيف جدا . وقد اختلف فيه العلماء اختلافا كثيرا ، حتى وصفه الشعبي وغيره بأنه "كان كذابًا" ، وقد رجحت في شرح الحديث 565 وغيره من المسند أنه ضعيف جدا .وأما متن الحديث : فقد رواه -بمعناه- ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن عرفة عن يحيى بن يمان عن حمزة الزيات ، بهذا الإسناد ، فيما نقل ابن كثير 1 : 50 ووقع فيه تحريف الإسناد هناك . وهو جزء من حديث طويل ، في فضل القرآن - رواه الترمذي (4 : 51 - 52 من تحفة الأحوذي) ، عن عبد بن حميد عن حسين الجعفي ، بهذا الإسناد . وقال الترمذي : "هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات ، وإسناده مجهول ، وفي حديث الحارث مقال" . كذلك رواه الدارمي في سننه 2 : 435 عن محمد بن يزيد الرفاعي عن حسين الجعفي . ونقله السيوطي 1 : 15 ونسبه أيضًا لابن أبي شيبة وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في شعب الإيمان . وأشار إليه الذهبي في الميزان 3 : 380 في ترجمة أبي المختار الطائي ، قال : "حديثه في فضائل القرآن منكر" . ونقله ابن كثير في الفضائل : 14 - 15 عن الترمذي ، ونقل تضعيفه إياه ، ثم قال : "لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات ، بل قد رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث الأعور . فبرئ حمزة من عهدته ، على أنه وإن كان ضعيف الحديث ، فإنه إمام في القراءة . والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور ، وقد تكلموا فيه ، بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده ، أما أنه تعمد الكذب في الحديث - فلا . وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، وقد وهم بعضهم في رفعه ، وهو كلام حسن صحيح " .وسيأتي 175 ، 176 بإسنادين آخرين ، موقوفًا ، من كلام علي رضي الله عنه .ورواية ابن إسحاق -التي أشار إليها ابن كثير- هي حديث أحمد في المسند : 565 . عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق . وقد ضعفنا إسناده هناك ، بالحارث الأعور ، وبانقطاعه بين ابن إسحاق ومحمد بن كعب . وليس فيه الحرف الذي هنا ، في تفسير "الصراط المستقيم" .(127) الحديث 175 - هو الحديث السابق بإسناد آخر . وهذا الإسناد جيد إلى الحارث الأعور ، ثم يضعف به الحديث جدا ، كما قلنا من قبل .ومحمد بن سلمة : هو الباهلي الحراني ، وهو ثقة ، روى عنه أحمد بن حنبل وغيره ، وأخرج له مسلم في صحيحه ، مات سنة 191 . وشيخه أبو سنان : وهو سعيد بن سنان الشيباني ، وهو ثقة ، ومن تكلم فيه إنما يكون من جهة خطئه بعض الخطأ ، وقال أبو داود : "ثقة من رفعاء الناس" ، وأخرج له مسلم في الصحيح . وعمرو بن مرة : هو المرادي الجملي ، ثقة مأمون بلا خلاف ، قال مسعر : "عمرو من معادن الصدق " . وأبو البختري - بفتح الباء الموحدة والتاء المثناة بينهما خاء معجمة ساكنة : هو سعيد بن فيروز الطائي الكوفي ، تابعي ثقة معروف .(128) الخبر 176 - هو الحديث السابق بالإسنادين قبله ، بمعناه . ولكنه هنا موقوف على ابن أبي طالب . والإسناد إليه منهار انهيار الإسناد 174 ، من أجل الحارث الأعور وابن أخيه . أما من دونهما ، فأبو المختار الطائي وحمزة مضيا في 174 ، وأبو أحمد الزبيري وأحمد بن إسحاق مضيا في 159 .(129) الخبر 177 - هذا موقوف من كلام عبد الله بن مسعود . وقد رواه الطبري بإسنادين إلى سفيان ، وهو الثوري . أما أولهما : أحمد بن إسحاق عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري - فإسناده صحيح ، لا كلام فيه . وأما ثانيهما : محمد بن حميد الرازي عن مهران ، وهو ابن أبي عمر العطار - فقد بينا في الإسناد 11 أن في رواية مهران عن الثوري اضطرابًا ، ولكنه هنا تابعه عن روايته حافظ ثقة ، هو أبو أحمد الزبيري . وقد رواه الثوري عن منصور ، وهو ابن المعتمر الكوفي ، وهو ثقة ثبت حجة ، لا يختلف فيه أحد . وأبو وائل : هو شقيق بن سلمة الأسدي ، من كبار التابعين الثقات ، قال ابن معين : "ثقة لا يسأل عن مثله" .وهذا الخبر ، رواه الحاكم في المستدرك 2 : 258 من طريق عمر بن سعد أبي داود الحضري عن الثوري ، بهذا الإسناد . وقال : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ، ووافقه الذهبي . وذكره السيوطي 1 : 15 ، والشوكاني 1 : 13 .(130) الخبر 178 - وهذا موقوف على جابر بن عبد الله . وإسناده صحيح : محمود بن خداش بكسر الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة وآخره شين معجمة - الطالقاني : ثقة من أهل الصدق ، مات يوم الأربعاء 14 شعبان سنة 250 ، كما في التاريخ الصغير للبخاري : 247 . وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي : ثقة ثبت عاقل ، روى عنه أحمد وغيره من الحفاظ . والحسن وعلي ابنا صالح بن صالح بن حي : ثقتان ، وهما أخوان توأم . ومن تكلم في الحسن تكلم بغير حجة ، وقد وثقناه في المسند : 2403 . وأخاه فيه : 220 . وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ، وأمه زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب : تابعي ثقة ، ولا حجة لمن تكلم فيه .والخبر رواه الحاكم في المستدرك 2 : 258 - 259 ، من طريق أبي نعيم عن الحسن بن صالح -وحده- بهذا الإسناد . وقال : "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . وذكره ابن كثير 1 : 50 ، والسيوطي 1 : 15 ، والشوكاني 1 : 13(131) الحديث 179 - إسناده ضعيف ، سبق بيان ضعفه : 137 . وهذا اللفظ نقله ابن كثير 1 : 50 دون إسناد ولا نسبة . ونقله السيوطي 1 : 14 مختصرًا ، ونسبه للطبري فقط .(132) الخبر 180 - إسناده ضعيف جدا ، على ما فيه من جهلنا بحال بعض رجاله : فموسى بن سهل الرازي ، شيخ الطبري : لم نجزم بأي الرجال هو ؟ ولعله " موسى بن سهل بن قادم ، ويقال ابن موسى أبو عمر الرملي ، نسائي الأصل " . فهو شيخ للطبري مترجم في التهذيب 10 : 347 ، ولكنه لم ينسب "رازيا" . وكتب في المخطوطة : "سهل بن موسى"! ولم نجد هذه الترجمة أيضًا ، ونرجح أنه خطأ من الناسخ . . ويحيى بن عوف : لم نجد ترجمة بهذا الاسم قط فيما لدينا من مراجع . واما علة الإسناد ، فهو "الفرات بن السائب الجزري" ، وهو ضعيف جدا ، قال البخاري في الكبير 4 / 1 / 130 : "تركوه ، منكر الحديث" ، وكذلك قال الأئمة فيه ، وقال ابن حبان في المجروحين (في الورقة 187) : كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، ويأتي بالمعضلات عن الثقات ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه ، ولا كتبة الحديث إلا على سبيل الاختبار" . وأما ميمون بن مهران فتابعي ثقة معروف ، فقيه حجة .وهذا الخبر نقله ابن كثير 1 : 50 مجهلا بلفظ "وقيل : هو الإسلام" . ونقله السيوطي 1 : 15 منسوبا لابن جريج فقط ، على خطأ مطبعي فيه "ابن جريج" !(133) الأثر 181 - ابن الحنفية : هو محمد بن علي بن أبي طالب ، والحنفية أمه ، وهي خولة بنت جعفر من بني حنيفة ، عرف بالنسبة إليها . وهذا الإسناد إليه ضعيف : محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي : ثقة من شيوخ أحمد وابن معين . وإسماعيل الأزرق : هو إسماعيل بن سلمان ، وهو ضعيف ، قال ابن معين : "ليس حديثه بشيء" ، وقال ابن نمير والنسائي : "متروك" ، وقال ابن حبان في كتاب المجروحين (ص 78 رقم 35) : "ينفرد بمناكير يرويها عن المشاهير" . وأبو عمر البزار : هو دينار بن عمر الأسدي الكوفي الأعمى ، وهو ثقة . والأثر ذكره ابن كثير 1 : 51 دون نسبة ولا إسناد .(134) الخبر 182 - هذا من تفسير السدي ، وقد سبق شرح إسناده 168 . وقد نقله ابن كثير 1 : 50 والسويطي 1 : 15 .(135) الخبر 183 - نقله السيوطي 1 : 14 منسوبا للطبري وابن المنذر . وقد سبق أول هذا الإسناد : 144 ، وهو هنا منقطع ، لأن ابن جريج لم يدرك ابن عباس ، إنما يروي عن الرواة عنه .(136) الأثر 184 - عبد الله بن كثير أبو صديف الآملي ، شيخ الطبري : لم أعرف من هو ، ولم أجد له ذكرًا ، وأخشى أن يكون فيه تحريف . هاشم بن القاسم : هو ابو النضر - بالنون والصاد المعجمة - الحافظ الخراساني الإمام ، شيخ الأئمة : أحمد وابن راهويه وابن المديني وابن معين وغيرهم .حمزة بن المغيرة بن نشيط - بفتح النون وكسر الشين المعجمة - الكوفي العابد : ثقة ، مترجم في التهذيب ، وترجمه البخاري في الكبير 2 / 1 / 44 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 214 - 215 ، وذكره ابن حبان في الثقات 443 ، قال : "حمزة بن المغيرة العابد ، من أهل الكوفة . يروي عن عاصم الأحول عن أبي العالية (اهدنا الصراط المستقيم) ، قال : هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه . روى عنه أبو النضر هاشم بن القاسم" . ووقع هنا : في الأصول "حمزة بن أبي المغيرة" . وهو خطأ من الناسخين .عاصم : هو ابن سليمان الأحول ، تابعي ثقة ثبت . أبو العالية : هو الرياحي - بكسر الراء وتخفيف الياء ، واسمه : رفيع -بالتصغير- ابن مهران ، من كبار التابعين الثقات ، مجمع على توثيقه .وهذا الأثر ذكره ابن كثير 1 : 51 ونسبه أيضًا لابن أبي حاتم . والسيوطي 1 : 15 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن عدي وابن عساكر . وأبو العالية لم يقله من قبل نفسه : فقد رواه الحاكم في المستدرك 2 : 259 من طريق أبي النضر بهذا الإسناد إلى "أبي العالية عن ابن عباس" . وقال : " هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . واختصره السيوطي ونسبه للحاكم فقط .(137) الأثر 185 - هذا من كلام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقد نقله ابن كثير 1 : 51 دون نسبة . وعبد الرحمن بن زيد : متأخر ، من أتباع التابعين ، مات سنة 182 . وهو ضعيف جدا ، بينت ضعفه في حديث المسند : 5723 ، ويكفي منه قول ابن خزيمة : "ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه ، لسوء خفظه ، وهو رجل صناعته العبادة والتقشف ، ليس من أحلاس الحديث" .(138) الحديث 186 ، 187 - رواه الطبري عن شيخه "المثنى" بإسنادين ، أولهما أعلى من الثاني درجة : بين المثنى وبين معاوية بن صالح في أولهما شيخ واحد ، وفي ثانيهما شيخان .أما المثنى شيخ الطبري : فهو المثنى بن إبراهيم الآملي ، يروي عنه الطبري كثيرا في التفسير والتاريخ . وأبو صالح ، في الإسناد الأول : هو عبد الله بن صالح المصري ، كاتب الليث بن سعد ، صحبه عشرين سنة . وهو ثقة ، ومن تكلم فيه ، في بعض حديثه عن الليث ، تكلم بغير حجة . وله ترجمة في التهذيب جيدة ، وكذلك في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2 / 2 / 86 - 87 ، وتذكرة الحفاظ 1 : 351 - 353 . ولد عبد الله بن صالح سنة 137 ومات سنة 222 . ووقع تاريخ مولده في التهذيب (173) وهو خطأ مطبعي ، صوابه في تذكرة الحفاظ . وآدم العسقلاني ، في الإسناد الثاني : هو آدم بن أبي إياس ، وهو ثقة مأمون متعبد ، من خيار عباد الله ، كما قال أبو حاتم . الليث : هو ابن سعد ، إمام أهل مصر . معاوية بن صالح ، في الإسنادين : هو الحمصي ، أحد الأعلام وقاضي الأندلس ، ثقة ، من تكلم فيه أخطأ . عبد الرحمن بن جبير بن نفير - بالتصغير فيهما - الحضرمي الحمصي : تابعي ثقة . وأبوه : من كبار التابعين ، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم . وهو ثقة مشهور بالعلم ، وقد ذكره الطبري في طبقات الفقهاء . النواس -بفتح النون وتشديد الواو- بن سمعان الكلابي : صحابي معروف .وهذا الحديث مختصر من حديث طويل ، رواه احمد في المسند : 17711 (ج 4 ص 182 حلبي) عن الحسن بن سوار عن الليث بن سعد عن معاوية بن صالح ، به . ونقله ابن كثير 1 : 51 من رواية المسند ، قال : "وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث الليث بن سعد ، به . ورواه الترمذي والنسائي جميعا عن علي بن حجر بن بقية عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن النواس بن سمعان ، به . وهو إسناد حسن صحيح" . ونسبه السيوطي 1 : 15 ، والشوكاني 1 : 13 أيضًا للحاكم "وصححه" ، ولغيره .

صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ﴿7﴾

التفسير:

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)صراط الذين أنعمت عليهموقوله : صراط الذين أنعمت عليهم إبانة عن الصراط المستقيم أي الصراط هو , إذ كان كل طريق من طرق الحق صراطا مستقيما , فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : اهدنا يا ربنا الصراط المستقيم , صراط الذين أنعمت عليهم , بطاعتك وعبادتك من ملائكتك , وأنبيائك , والصديقين , والشهداء , والصالحين . وذلك نظير ما قال ربنا جل ثناؤه في تنزيله : ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لأتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين 4 66 : 69 قال أبو جعفر : فالذي أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته أن يسألوه ربهم من الهداية للطريق المستقيم , هي الهداية للطريق الذي وصف الله جل ثناؤه صفته . وذلك الطريق هو طريق الذي وصفهم الله بما وصفهم به في تنزيله , ووعد من سلكه فاستقام فيه طائعا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم , أن يورده مواردهم , والله لا يخلف الميعاد . وبنحو ما قلنا في ذلك روي الخبر عن ابن عباس وغيره . 158 - حدثنا محمد بن العلاء , قال : حدثنا عثمان بن سعيد , قال : حدثنا بشر بن عمار , قال : حدثنا أبو روق , عن الضحاك , عن ابن عباس : صراط الذين أنعمت عليهم يقول : طريق من أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين , الذين أطاعوك وعبدوك. 159 - وحدثني أحمد بن حازم الغفاري , قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى , عن أبي جعفر عن ربيع : صراط الذين أنعمت عليهم قال : النبيون. 160 - وحدثني القاسم , قال : حدثنا الحسين , قال : حدثني حجاج عن ابن جريج , قال : قال ابن عباس : أنعمت عليهم قال : المؤمنين. 161 - وحدثنا القاسم , قال : حدثنا الحسين , قال : قال وكيع أنعمت عليهم : المسلمين . 162 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال عبد الرحمن بن زيد في قول الله : صراط الذين أنعمت عليهم قال : النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه . قال أبو جعفر : وفي هذه الآية دليل واضح على أن طاعة الله جل ثناؤه لا ينالها المطيعون إلا بإنعام الله بها عليهم وتوفيقه إياهم لها . أولا يسمعونه يقول : صراط الذين أنعمت عليهم فأضاف كل ما كان منهم من اهتداء وطاعة وعبادة إلى أنه إنعام منه عليهم ؟ فإن قال قائل : وأين تمام هذا الخبر , وقد علمت أن قول القائل لآخر : أنعمت عليك , مقتض الخبر عما أنعم به عليه , فأين ذلك الخبر في قوله : صراط الذين أنعمت عليهم وما تلك النعمة التي أنعمها عليهم ؟ قيل له : قد قدمنا البيان فيما مضى من كتابنا هذا عن اجتزاء العرب في منطقها ببعض من بعض إذا كان البعض الظاهر دالا على البعض الباطن وكافيا منه , فقوله : صراط الذين أنعمت عليهم من ذلك ; لأن أمر الله جل ثناؤه عباده بمسألته المعونة وطلبهم منه الهداية للصراط المستقيم لما كان متقدما قوله : صراط الذين أنعمت عليهم الذي هو إبانة عن الصراط المستقيم , وإبدال منه , كان معلوما أن النعمة التي أنعم الله بها على من أمرنا بمسألته الهداية لطريقهم هو المنهاج القويم والصراط المستقيم الذي قد قدمنا البيان عن تأويله آنفا , فكان ظاهر ما ظهر من ذلك مع قرب تجاور الكلمتين مغنيا عن تكراره كما قال نابغة بني ذبيان : كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن يريد كأنك من جمال بني أقيش جمل يقعقع خلف رجليه بشن , فاكتفى بما ظهر من ذكر الجمال الدال على المحذوف من إظهار ما حذف . وكما قال الفرزدق بن غالب : ترى أرباقهم متقلديها إذا صدئ الحديد على الكماة يريد : متقلديها هم , فحذف " هم " إذ كان الظاهر من قوله : " وأرباقهم " دالا عليها . والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى , فكذلك ذلك في قوله : صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهمالقول في تأويل قوله تعالى : غير المغضوب عليهم قال أبو جعفر : والقراء مجمعة على قراءة " غير " بجر الراء منها. والخفض يأتيها من وجهين : أحدهما أن يكون غير صفة للذين ونعتا لهم فتخفضها , إذ كان " الذين " خفضا وهي لهم نعت وصفة ; وإنما جاز أن يكون " غير " نعتا ل " الذين " , و " الذين " معرفة وغير نكرة ; لأن " الذين " بصلتها ليست بالمعرفة المؤقتة كالأسماء التي هي أمارات بين الناس , مثل : زيد وعمرو , وما أشبه ذلك ; وإنما هي كالنكرات المجهولات , مثل : الرجل والبعير , وما أشبه ذلك ; فما كان " الذين " كذلك صفتها , وكانت غير مضافة إلى مجهول من الأسماء نظير " الذين " في أنه معرفة غير موقتة كما " الذين " معرفة غير مؤقتة , جاز من أجل ذلك أن يكون : غير المغضوب عليهم نعتا ل الذين أنعمت عليهم كما يقال : لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل , يراد : لا أجلس إلا إلى من يعلم , لا إلى من يجهل . ولو كان الذين أنعمت عليهم معرفة موقتة كان غير جائز أن يكون غير المغضوب عليهم لها نعتا , وذلك أنه خطأ في كلام العرب إذا وصفت معرفة مؤقتة بنكرة أن تلزم نعتها النكرة إعراب المعرفة المنعوت بها , إلا على نية تكرير ما أعرب المنعت بها . خطأ في كلامهم أن يقال : مررت بعبد الله غير العالم , فتخفض " غير " إلا على نية تكرير الباء التي أعربت عبد الله , فكان معنى ذلك لو قيل كذلك : مررت بعبد الله , مررت بغير العالم . فهذا أحد وجهي الخفض في : غير المغضوب عليهم والوجه الآخر من وجهي الخفض فيها أن يكون " الذين " بمعنى المعرفة المؤقتة. وإذا وجه إلى ذلك , كانت غير مخفوضة بنية تكرير الصراط الذي خفض الذين عليها , فكأنك قلت : صراط الذين أنعمت عليهم صراط غير المغضوب عليهم . وهذان التأويلان في غير المغضوب عليهم , وإن اختلفا باختلاف معربيهما , فإنهما يتقارب معناهما ; من أجل أن من أنعم الله عليه فهداه لدينه الحق فقد سلم من غضب ربه ونجا من الضلال في دينه , فسواء - إذ كان سامع قوله : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير جائز أن يرتاب مع سماعه ذلك من تاليه في أن الذين أنعم الله عليهم بالهداية للصراط , غير غاضب ربهم عليهم مع النعمة التي قد عظمت منته بها عليهم في دينهم , ولا أن يكونوا ضلالا وقد هداهم للحق ربهم , إذ كان مستحيلا في فطرهم اجتماع الرضا من الله جل ثناؤه عن شخص والغضب عليه في حال واحدة واجتماع الهدى والضلال له في وقت واحد - أوصف القوم مع وصف الله إياهم بما وصفهم به من توفيقه إياهم وهدايته لهم وإنعامه عليهم بما أنعم الله به عليهم في دينهم بأنهم غير مغضوب عليهم ولا هم ضالون , أم لم يوصفوا بذلك ; لأن الصفة الظاهرة التي وصفوا بها قد أنبأت عنهم أنهم كذلك وإن لم يصرح وصفهم به. هذا إذا وجهنا " غير " إلى أنها مخفوضة على نية تكرير الصراط الخافض الذين , ولم نجعل غير المغضوب عليهم ولا الضالين من صفة الذين أنعمت عليهم بل إذا حملناهم غيرهم ; وإن كان الفريقان لا شك منعما عليهما في أديانهم . فأما إذا وجهنا : غير المغضوب عليهم ولا الضالين إلى أنها من نعمة الذين أنعمت عليهم فلا حاجة بسامعه إلى الاستدلال , إذ كان الصريح من معناه قد أغنى عن الدليل , وقد يجوز نصب " غير " في غير المغضوب عليهم وإن كنت للقراءة بها كارها لشذوذها عن قراءة القراء . وإن ما شذ من القراءات عما جاءت به الأمة نقلا ظاهرا مستفيضا , فرأي للحق مخالف وعن سبيل الله وسبيل رسوله صلى الله عليه وسلم وسبيل المسلمين متجانف , وإن كان له -لو كانت القراءة جائزة به - في الصواب مخرج . وتأويل وجه صوابه إذا نصبت : أن يوجه إلى أن يكون صفة للهاء والميم اللتين في " عليهم " العائدة على " الذين " , لأنها وإن كانت مخفوضة ب " على " , فهي في محل نصب بقوله : " أنعمت ". فكأن تأويل الكلام إذا نصبت " غير " التي مع " المغضوب عليهم " : صراط الذين هديتهم إنعاما منك عليهم غير مغضوب عليهم , أي لا مغضوبا عليهم ولا ضالين . فيكون النصب في ذلك حينئذ كالنصب في " غير " في قولك : مررت بعبد الله غير الكريم ولا الرشيد , فتقطع غير الكريم من عبد الله , إذ كان عبد الله معرفة مؤقتة وغير الكريم نكرة مجهولة . وقد كان بعض نحويي البصريين يزعم أن قراءة من نصب " غير " في غير المغضوب عليهم على وجه استثناء غير المغضوب عليهم من معاني صفة الذين أنعمت عليهم كأنه كان يرى أن معنى الذين قرءوا ذلك نصبا : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم إلا المغضوب عليهم الذين لم تنعم عليهم في أديانهم ولم تهدهم للحق , فلا تجعلنا منهم ; كما قال نابغة بني ذبيان : وقفت فيها أصيلالا أسائلها أعيت جوابا وما بالربع من أحد إلا أواري لأيا ما أبينها والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد والأواري معلوم أنها ليست من عداد أحد في شيء . فكذلك عنده استثنى غير المغضوب عليهم من الذين أنعمت عليهم وإن لم يكونوا من معانيهم في الدين في شيء . وأما نحويو الكوفيين فأنكروا هذا التأويل واستخطئوه , وزعموا أن ذلك لو كان كما قاله الزاعم من أهل البصرة لكان خطأ أن يقال : ولا الضالين لأن " لا " نفي وجحد , ولا يعطف بجحد إلا على جحد ; وقالوا : لم نجد في شيء من كلام العرب استثناء يعطف عليه بجحد , وإنما وجدناهم يعطفون على الاستثناء بالاستثناء , وبالجحد على الجحد فيقولون في الاستثناء : قام القوم إلا أخاك وإلا أباك ; وفي الجحد : ما قام أخوك , ولا أبوك ; وأما قام القوم إلا أباك ولا أخاك , فلم نجده في كلام العرب ; قالوا : فلما كان ذلك معدوما في كلام العرب وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزوله , علمنا إذ كان قوله : ولا الضالين معطوفا على قوله : غير المغضوب عليهم أن " غير " بمعنى الجحد لا بمعنى الاستثناء , وأن تأويل من وجهها إلى الاستثناء خطأ . فهذه أوجه تأويل غير المغضوب عليهم . باختلاف أوجه إعراب ذلك . وإنما اعترضنا بما اعترضنا في ذلك من بيان وجوه إعرابه , وإن كان قصدنا في هذا الكتاب الكشف عن تأويل آي القرآن , لما في اختلاف وجوه إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويله , فاضطرتنا الحاجة إلى كشف وجوه إعرابه , لتنكشف لطالب تأويله وجوه تأويله على قدر اختلاف المختلفة في تأويله وقراءته . والصواب من القول في تأويله وقراءته عندنا القول الأول , وهو قراءة : غير المغضوب عليهم بخفض الراء من " غير " بتأويل أنها صفة ل الذين أنعمت عليهم ونعت لهم ; لما قد قدمنا من البيان إن شئت , وإن شئت فبتأويل تكرار وصراط " كل ذلك صواب حسن . فإن قال لنا قائل : فمن هؤلاء المغضوب عليهم الذين أمرنا الله جل ثناؤه بمسألته أن لا يجعلنا منهم ؟ قيل : هم الذين وصفهم الله جل ثناؤه في تنزيله فقال : قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل 5 60 فأعلمنا جل ذكره بمنه ما أحل بهم من عقوبته بمعصيتهم إياه , ثم علمنا , منه منه علينا , وجه السبيل إلى النجاة , من أن يحل بنا مثل الذي حل بهم من المثلات , ورأفة منه بنا . فإن قيل : وما الدليل على أنهم أولاء الذين وصفهم الله وذكر نبأهم في تنزيله على ما وصفت ؟ قيل : 163 - حدثني أحمد بن الوليد الرملي , قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي , قال : حدثنا سفيان بن عيينة , عن إسماعيل بن أبي خالد , عن الشعبي , عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المغضوب عليهم : اليهود . * - وحدثنا محمد بن المثنى , قال : حدثنا محمد بن جعفر , قال : حدثنا شعبة عن سماك بن حرب , قال : سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدي بن حاتم قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن المغضوب عليهم : اليهود ". * - وحدثني علي بن الحسن , قال : حدثنا مسلم بن عبد الرحمن , قال : حدثنا محمد بن مصعب , عن حماد بن سلمة , عن سماك بن حرب , عن مري بن قطري , عن عدي بن حاتم قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله جل وعز : غير المغضوب عليهم قال : " هم اليهود " . 164 -وحدثنا حميد بن مسعدة الشامي , قال : حدثنا بشر بن المفضل , قال : حدثنا الجريري عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادي القرى فقال : من هؤلاء الذين تحاصر يا رسول الله ؟ قال : " هؤلاء المغضوب عليهم : اليهود " . * - وحدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : حدثنا ابن علية , عن سعيد الجريري , عن عروة , عن عبد الله بن شقيق , أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. 165 - وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أنبأنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر , عن بديل العقيلي , قال : أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو على فرسه وسأله رجل من بني القين , فقال : يا رسول الله من هؤلاء ؟ قال : " المغضوب عليهم " وأشار إلى اليهود . * - وحدثنا القاسم بن الحسن , قال : حدثنا الحسين , قال : حدثنا خالد الواسطي , عن خالد الحذاء , عن عبد الله بن شقيق , أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم , فذكر نحوه 166 - وحدثنا أبو كريب , قال : حدثنا عثمان بن سعيد , قال : حدثنا بشر بن عمار , قال : حدثنا أبو روق عن الضحاك , عن ابن عباس : غير المغضوب عليهم يعني اليهود الذين غضب الله عليهم . 167 -وحدثني موسى بن هارون الهمداني , قال : حدثنا عمرو بن طلحة , قال : حدثنا أسباط بن نصر , عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : غير المغضوب عليهم هم اليهود . 168 -وحدثنا ابن حميد الرازي , قال : حدثنا مهران , عن سفيان , عن مجاهد , قال : غير المغضوب عليهم قال : هم اليهود . 169 - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري , قال : حدثنا عبد الله , عن أبي جعفر , عن ربيع : غير المغضوب عليهم قال : اليهود . 170 - وحدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قال ابن عباس : غير المغضوب عليهم قال : اليهود . 171 -وحدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب . قال : قال ابن زيد : غير المغضوب عليهم اليهود . 172 - وحدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : حدثني ابن زيد , عن أبيه , قال : المغضوب عليهم اليهود. قال أبو جعفر : واختلف في صفة الغضب من الله جل ذكره ; فقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من خلقه إحلال عقوبته بمن غضب عليه , إما في دنياه , وإما في آخرته , كما وصف به نفسه جل ذكره في كتابه فقال : فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين 43 55 وكما قال : قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من عباده ذم منه لهم ولأفعالهم , وشتم منه لهم بالقول . وقال بعضهم : الغضب منه معنى مفهوم , كالذي يعرف من معاني الغضب . غير أنه وإن كان كذلك من جهة الإثبات , فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم ; لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات , ولكنه له صفة كما العلم له صفة , والقدرة له صفة على ما يعقل من جهة الإثبات , وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد التي هي معارف القلوب وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها .ولا الضالينالقول في تأويل قوله تعالى : ولا الضالين قال أبو جعفر : كان بعض أهل البصرة يزعم أن " لا " مع " الضالين " أدخلت تتميما للكلام والمعنى إلغاؤها , ويستشهد على قيله ذلك ببيت العجاج : في بئر لا حور سرى وما شعر ويتأوله بمعنى : في بئر حور سرى , أي في بئر هلكة , وأن " لا " بمعنى الإلغاء والصلة . ويعتل أيضا لذلك بقول أبي النجم : فما ألوم البيض أن لا تسخرا لما رأين الشمط القفندرا وهو يريد : فما ألوم البيض أن تسخر وبقول الأحوص : ويلحينني في اللهو أن لا أحبه وللهو داع دائب غير غافل يريد : ويلحينني في اللهو أن أحبه. وبقوله تعالى : ما منعك ألا تسجد 7 12 يريد أن تسجد . وحكي عن قائل هذه المقالة أنه كان يتأول " غير " التي " مع المغضوب عليهم " أنها بمعنى " سوى " , فكان معنى الكلام كان عنده : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم الذين هم سوى المغضوب والضالين . وكان بعض نحويي الكوفة يستنكر ذلك من قوله , ويزعم أن " غير " التي " مع المغضوب عليهم " لو كانت بمعنى " سوى " لكان خطأ أن يعطف عليها ب " لا " , إذ كانت " لا " لا يعطف بها إلا على جحد قد تقدمها. كما كان خطأ قول القائل : عندي سوى أخيك , ولا أبيك ; لأن " سوى " ليست من حروف النفي والجحود ; ويقول : لما كان ذلك خطأ في كلام العرب , وكان القرآن بأفصح اللغات من لغات العرب. كان معلوما أن الذي زعمه القائل أن " غير مع المغضوب " عليهم بمعنى : " سوى المغضوب عليهم " خطأ , إذ كان قد كر عليه الكلام ب " لا " . وكان يزعم أن " غير " هنالك إنما هي بمعنى الجحد . إذ كان صحيحا في كلام العرب وفاشيا ظاهرا في منطقها توجيه " غير " إلى معنى النفي ومستعملا فيهم : أخوك غير محسن ولا مجمل , يراد بذلك أخوك لا محسن , ولا مجمل , ويستنكر أن تأتي " لا " بمعنى الحذف في الكلام مبتدأ ولما يتقدمها جحد , ويقول : لو جاز مجيئها بمعنى الحذف مبتدأ قبل دلالة تدل , على ذلك من جحد سابق , لصح قول قائل قال : أردت أن لا أكرم أخاك , بمعنى : أردت أن أكرم أخاك . وكان يقول : ففي شهادة أهل المعرفة بلسان العرب على تخطئة قائل ذلك دلالة واضحة على أن " لا " تأتي مبتدأة بمعنى الحذف , ولما يتقدمها جحد. وكان يتأوله في " لا " التي في بيت العجاج الذي ذكرنا أن البصري استشهد به بقوله إنها جحد صحيح , وأن معنى البيت : سرى في بئر لا تحير عليه خيرا , ولا يتبين له فيها أثر عمل , وهو لا يشعر بذلك ولا يدري به. من قولهم : طحنت الطاحنة فما أحارت شيئا ; أي لم يتبين لها أثر عمل. ويقول في سائر الأبيات الأخر , أعني مثل بيت أبي النجم : فما ألوم البيض أن لا تسخرا إنما جاز أن تكون " لا " بمعنى الحذف , لأن الجحد قد تقدمها في أول الكلام , فكان الكلام الآخر مواصلا للأول , كما قال الشاعر : ما كان يرضى رسول الله فعلهم والطيبان أبو بكر ولا عمر فجاز ذلك , إذ كان قد تقدم الجحد في أول الكلام. قال أبو جعفر : وهذا القول الآخر أولى بالصواب من الأول , إذ كان غير موجود في كلام العرب ابتداء الكلام من غير جحد تقدمه ب " لا " التي معناها الحذف , ولا جائز العطف بها على " سوى " , ولا على حرف الاستثناء . وإنما ل " غير " في كلام العرب معان ثلاثة : أحدها الاستثناء , والآخر الجحد , والثالث سوى , فإذا ثبت خطأ " لا " أن يكون بمعنى الإلغاء مبتدأ وفسد أن يكون عطفا على " غير " التي مع " المغضوب عليهم " , لو كانت بمعنى " إلا " التي هي استثناء , ولم يجز أيضا أن يكون عطفا عليها لو كانت بمعنى " سوى " , وكانت " لا " موجودة عطفا بالواو التي هي عاطفة لها على ما قبلها , صح وثبت أن لا وجه ل " غير " التي مع " المغضوب عليهم " يجوز توجيهها إليه على صحة إلا بمعنى الجحد والنفي , وأن لا وجه لقوله : " ولا الضالين " , إلا العطف على " غير المغضوب عليهم " . فتأويل الكلام إذا إذ كان صحيحا ما قلنا بالذي عليه استشهدنا : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم لا المغضوب عليهم ولا الضالين . فإن قال لنا قائل : ومن هؤلاء الضالون الذين أمرنا الله بالاستعاذة بالله أن يسلك بنا سبيلهم , أو نضل ضلالهم ؟ قيل : هم الذين وصفهم الله في تنزيله , فقال : يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل 5 77 فإن قال : وما برهانك على أنهم أولاء ؟ قيل : 173 - حدثنا أحمد بن الوليد الرملي , قال : حدثنا عبد الله بن جعفر , قال : حدثنا سفيان بن عيينة , عن إسماعيل بن أبي خالد , عن الشعبي , عن عدي بن أبي حاتم , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا الضالين قال : " النصارى " * -حدثنا محمد بن المثنى , أنبأنا محمد بن جعفر , أنبأنا شعبة عن سماك , قال : سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدي بن حاتم , قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الضالين : النصارى " . * - وحدثني علي بن الحسن , قال : حدثنا مسلم وعبد الرحمن , قالا : حدثنا محمد بن مصعب , عن حماد بن سلمة , عن سماك بن حرب , عن مري بن قطري , عن عدي بن حاتم , قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله ولا الضالين قال : " النصارى هم الضالون " . 174 -وحدثنا حميد بن مسعدة الشامي , قال : حدثنا بشر بن المفضل , قال : حدثنا الجريري , عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادي القرى قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الضالون : النصارى " . * - وحدثنا يعقوب بن إبراهيم , قال : حدثنا ابن علية , عن سعيد الجريري , عن عروة , يعني ابن عبد الله بن قيس , عن عبد الله بن شقيق , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : حدثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر عن بديل العقيلي , قال : أخبرني عبد الله بن شقيق , أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو على فرسه وسأله رجل من بني القين فقال : يا رسول الله من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الضالون " , يعني النصارى . * - وحدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين , قال : حدثنا خالد الواسطي , عن خالد الحذاء , عن عبد الله بن شقيق , أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم , وهو محاصر وادي القرى وهو على فرس من هؤلاء ؟ قال : " الضالون " يعني النصارى . 175 - وحدثنا محمد بن حميد , قال : حدثنا مهران , عن سفيان , عن مجاهد : ولا الضالين قال : النصارى . 176 -وحدثنا أبو كريب , قال : حدثنا عثمان بن سعيد , عن بشر بن عمار , قال : حدثنا أبو روق , عن الضحاك , عن ابن عباس : ولا الضالين قال : وغير طريق النصارى الذين أضلهم الله بفريتهم عليه . قال : يقول : فألهمنا دينك الحق , وهو لا إله إلا الله وحده لا شريك له , حتى لا تغضب علينا كما غضبت على اليهود ولا تضلنا كما أضللت النصارى فتعذبنا بما تعذبهم به. يقول امنعنا من ذلك برفقك ورحمتك وقدرتك . 177 - وحدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قال ابن عباس الضالين : النصارى . 178 - وحدثني موسى بن هارون الهمداني , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط بن نصر , عن إسماعيل السدي في خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن محمد الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ولا الضالين : هم النصارى . 179 - وحدثني أحمد بن حازم الغفاري , قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى , عن أبي جعفر , عن ربيع : ولا الضالين : النصارى . 180 -وحدثني يونس بن عبد الأعلى , قال أخبرنا ابن وهب , قال : قال عبد الرحمن بن زيد : ولا الضالين النصارى . 181 -وحدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب , قال : حدثنا عبد الرحمن بن زيد , عن أبيه . قال : ولا الضالين النصارى . قال أبو جعفر : وكل حائد عن قصد السبيل وسالك غير المنهج القويم فضال عند العرب لإضلاله وجه الطريق , فلذلك سمى الله جل ذكره النصارى ضلالا لخطئهم في الحق منهج السبيل , وأخذهم من الدين في غير الطريق المستقيم . فإن قال قائل : أوليس ذلك أيضا من صفة اليهود ؟ قيل : بلى. فإن قال : كيف خص النصارى بهذه الصفة , وخص اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم ؟ قيل : إن كلا الفريقين ضلال مغضوب عليهم , غير أن الله جل ثناؤه وسم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به إذا ذكره لهم , أو أخبرهم عنه , ولم يسم واحدا من الفريقين إلا بما هو له صفة على حقيقته , وإن كان له من صفات الذم زيادات عليه. وقد ظن بعض أهل الغباء من القدرية أن في وصف الله جل ثناؤه النصارى بالضلال بقوله : ولا الضالين وإضافته الضلال إليهم دون إضافة إضلالهم إلى نفسه , وتركه وصفهم بأنهم المضللون كالذي وصف به اليهود أنهم المغضوب عليهم , دلالة على صحة ما قاله إخوانه من جهلة القدرية جهلا منه بسعة كلام العرب وتصاريف وجوهه . ولو كان الأمر على ما ظنه الغبي الذي وصفنا شأنه لوجب أن يكون شأن كل موصوف بصفة أو مضاف إليه فعل لا يجوز أن يكون فيه سبب لغيره , وأن يكون كل ما كان فيه من ذلك لغيره سبب فالحق فيه أن يكون مضافا إلى مسببه , ولو وجب ذلك لوجب أن يكون خطأ قول القائل : " تحركت الشجرة " إذا حركتها الرياح , و " اضطربت الأرض " إذا حركتها الزلزلة , وما أشبه ذلك من الكلام الذي يطول بإحصائه الكتاب . وفي قول الله جل ثناؤه : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم 10 22 بإضافته الجري إلى الفلك , وإن كان جريها بإجراء غيرها إياها , ما يدل على خطأ التأويل الذي تأوله من وصفنا قوله في قوله : ولا الضالين وادعائه أن في نسبة الله جل ثناؤه الضلالة إلى من نسبها إليه من النصارى تصحيحا لما ادعى المنكرون أن يكون لله جل ثناؤه في أفعال خلقه سبب من أجله وجدت أفعالهم , مع إبانة الله عز ذكره نصا في آي كثيرة من تنزيله أنه المضل الهادي ; فمن ذلك قوله جل ثناؤه : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون 45 23 فأنبأ جل ذكره أنه المضل الهادي دون غيره. ولكن القرآن نزل بلسان العرب , على ما قد قدمنا البيان عنه في أول الكتاب . ومن شأن العرب إضافة الفعل إلى من وجد منه , وإن كان مسببه غير الذي وجد منه أحيانا , وأحيانا إلى مسببه , وإن كان الذي وجد منه الفعل غيره. فكيف بالفعل الذي يكتسبه العبد كسبا ويوجده الله جل ثناؤه عينا منشأة ؟ بل ذلك أحرى أن يضاف إلى مكتسبه كسبا له بالقوة منه عليه والاختيار منه له , وإلى الله جل ثناؤه بإيجاد عينه وإنشائها تدبيرا . مسألة يسأل عنها أهل الإلحاد الطاعنون في القرآن إن سألنا منهم سائل فقال : إنك قد قدمت في أول كتابك هذا في وصف البيان بأن أعلاه درجة وأشرفه مرتبة , أبلغه في الإبانة عن حاجة المبين به عن نفسه وأبينه عن مراد قائله وأقربه من فهم سامعه , وقلت مع ذلك إن أولى البيان بأن يكون كذلك كلام الله جل ثناؤه بفضله على سائر الكلام وبارتفاع درجته على أعلى درجات البيان . فما الوجه إذ كان الأمر على ما وصفت في إطالة الكلام بمثل سورة أم القرآن بسبع آيات ؟ وقد حوت معاني جميعها منها آيتان , وذلك قوله : مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين إذ كان لا شك أن من عرف : ملك يوم الدين فقد عرفه بأسمائه الحسنى وصفاته المثلى . وأن من كان لله مطيعا , فلا شك أنه لسبيل من أنعم الله عليه في دينه متبع , وعن سبيل من غضب عليه وضل منعدل , فما في زيادة الآيات الخمس الباقية من الحكمة التي لم تحوها الآيتان اللتان ذكرنا ؟ قيل له : إن الله تعالى ذكره جمع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته بما أنزل إليه من كتابه معاني لم يجمعهن بكتاب أنزله إلى نبي قبله ولا لأمة من الأمم قبلهم . وذلك أن كل كتاب أنزله جل ذكره على نبي من أنبيائه قبله , فإنما أنزل ببعض المعاني التي يحوي جميعها كتابه الذي أنزله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , كالتوراة التي هي مواعظ وتفصيل , والزبور الذي هو تحميد وتمجيد , والإنجيل الذي هو مواعظ وتذكير ; لا معجزة في واحد منها تشهد لمن أنزل إليه بالتصديق. والكتاب الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يحوي معاني ذلك كله , ويزيد عليه كثيرا من المعاني التي سائر الكتب غيره منها خال , وقد قدمنا ذكرها فيما مضى من هذا الكتاب . ومن أشرف تلك المعاني التي فضل بها كتابنا سائر الكتب قبله : نظمه العجيب , ورصفه الغريب , وتأليفه البديع , الذي عجزت عن نظم مثل أصغر سورة منه الخطباء , وكلت عن وصف شكل بعضه البلغاء , وتحيرت في تأليفه الشعراء , وتبلدت قصورا عن أن تأتي بمثله لديه أفهام الفهماء . فلم يجدوا له إلا التسليم , والإقرار بأنه من عند الواحد القهار , مع ما يحوي مع ذلك من المعاني التي هي ترغيب , وترهيب , وأمر , وزجر , وقصص , وجدل , ومثل , وما أشبه ذلك من المعاني التي لم تجتمع في كتاب أنزل إلى الأرض من السماء. فمهما يكن فيه من إطالة على نحو ما في أم القرآن , فلما وصفت قبل من أن الله جل ذكره أراد أن يجمع - برصفه العجيب , ونظمه الغريب , المنعدل عن أوزان الأشعار , وسجع الكهان , وخطب الخطباء , ورسائل البلغاء , العاجز عن وصف مثله جميع الأنام , وعن نظم نظيره كل العباد - الدلالة على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ; وبما فيه من تحميد وتمجيد وثناء عليه , تنبيه للعباد على عظمته وسلطانه وقدرته وعظم مملكته , ليذكروه بآلائه ويحمدوه على نعمائه , فيستحقوا به منه المزيد ويستوجبوا عليه الثواب الجزيل . وبما فيه من نعت من أنعم عليه بمعرفته , وتفضل عليه بتوفيقه لطاعته , تعريف عباده أن كل ما بهم من نعمة في دينهم ودنياهم فمنه , ليصرفوا رغبتهم إليه , ويبتغوا حاجاتهم من عنده دون ما سواه من الآلهة والأنداد , وبما فيه من ذكره ما أحل بمن عصاه من مثلاته , وأنزل بمن خالف أمره من عقوباته ; ترهيب عباده عن ركوب معاصيه , والتعرض لما لا قبل لهم به من سخطه , فيسلك بهم في النكال والنقمات سبيل من ركب ذلك من الهلاك. فذلك وجه إطالة البيان في سورة أم القرآن , وفيما كان نظيرا لها من سائر سور الفرقان , وذلك هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة . 182 - حدثنا أبو كريب , قال : حدثنا المحاربي , عن محمد بن إسحاق , قال : حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب , عن أبي السائب مولى زهرة , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين , قال الله : حمدني عبدي , وإذا قال : الرحمن الرحيم , قال : أثنى علي عبدي , وإذا قال : مالك يوم الدين , قال : مجدني عبدي , فهذا لي . وإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين - إلى أن يختم السورة - قال : فذاك له " . * - حدثنا أبو كريب , قال : حدثنا عبدة , عن ابن إسحاق , عن العلاء بن عبد الرحمن , عن أبي السائب , عن أبي هريرة , قال : إذا قال العبد : الحمد لله , فذكر نحوه , ولم يرفعه . * -حدثنا أبو كريب , قال : حدثنا أبو أسامة , قال : حدثنا الوليد بن كثير , قال : حدثني العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة , عن أبي السائب , عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. 183 - حدثني صالح بن مسمار المروزي , قال : حدثنا زيد بن الحباب , قال : حدثنا عنبسة بن سعيد , عن مطرف بن طريف , عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة , عن جابر بن عبد الله الأنصاري , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين وله ما سأل , فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين , قال الله : حمدني عبدي , وإذا قال الرحمن الرحيم , قال : أثنى علي عبدي , وإذا قال : مالك يوم الدين , قال : مجدني عبدي , قال : هذا لي وله ما بقي " . آخر تفسير سورة

مشغل القرآن
لا يوجد سورة محددة

-

00:00 / 00:00
إحصائيات المنتدى
عدد المواضيع في المنتدى 1,384
عدد المشاركات في المنتدى 0
عدد الاعضاء في الموقع 823
آخر عضو مسجل oGZBXmaEZtED
الأعضاء المتصلون
المجموع: 0 عضو متصل