بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ ﴿1﴾
التفسير:
مكية"إذا السماء انشقت"، انشقاقها من علامات القيامة.
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴿2﴾
التفسير:
"وأذنت لربها"، أي سمعت أمر ربها بالانشقاق وأطاعته، من الأذن وهو الاستماع، "وحقت"، أي وحق لها أن تطيع ربها.
وَإِذَا ٱلْأَرْضُ مُدَّتْ ﴿3﴾
التفسير:
"وإذا الأرض مدت"، مد الأديم العكاظي، وزيد في سعتها. وقال مقاتل: سويت كمد الأديم، فلا يبقى فيها بناء ولا جبل.
وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴿4﴾
التفسير:
"وألقت"، أخرجت، "ما فيها"، من الموتى والكنوز، "وتخلت"، خلت منها.
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴿5﴾
التفسير:
( وأذنت لربها وحقت ) واختلفوا في جواب " إذا " قيل : جوابه محذوف تقديره : إذا كانت هذه الأشياء يرى الإنسان الثواب والعقاب .وقيل جوابه : " يا أيها الإنسان إنك كادح " ومجازه : إذا السماء انشقت لقي كل كادح [ ما ] عمله .وقيل : جوابه : " وأذنت " وحينئذ تكون " الواو " زائدة .
يَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًۭا فَمُلَٰقِيهِ ﴿6﴾
التفسير:
ومعنى قوله : ( كادح إلى ربك كدحا ) أي ساع إليه في عملك ، والكدح : عمل الإنسان وجهده في الأمر من الخير والشر حتى يكدح ذلك فيه ، أي يؤثر . وقال قتادة والكلبي والضحاك : عامل لربك عملا ( فملاقيه ) أي ملاقي جزاء عملك خيرا كان أو شرا .
فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ ﴿7﴾
التفسير:
"فأما من أوتي كتابه"، ديوان أعماله، "بيمينه".
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًۭا يَسِيرًۭا ﴿8﴾
التفسير:
"فسوف يحاسب حساباً يسيراً"أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرنا نافع ، عن ابن عمر ، حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ، قالت : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من حوسب عذب " قالت عائشة رضي الله عنها فقلت : يا رسول الله أوليس يقول الله - عز وجل - : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " ؟ قالت : فقال : " إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش [ في الحساب هلك ] .
وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦ مَسْرُورًۭا ﴿9﴾
التفسير:
"وينقلب إلى أهله"، يعني في الجنة من الحور العين والآدميات، "مسروراً"، بما أوتي من الخير والكرامة.
وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ وَرَآءَ ظَهْرِهِۦ ﴿10﴾
التفسير:
( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ) فتغل يده اليمنى إلى عنقه وتجعل يده الشمال وراء ظهره ، فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره . وقال مجاهد : تخلع يده اليسرى من وراء ظهره .
فَسَوْفَ يَدْعُوا۟ ثُبُورًۭا ﴿11﴾
التفسير:
"فسوف يدعو ثبوراً"، ينادي بالويل والهلاك إذا قرأ كتابه يقول: يا ويلاه يا ثبوراه، كقوله تعالى: "دعوا هنالك ثبوراً" (الفرقان- 13).
وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا ﴿12﴾
التفسير:
( ويصلى سعيرا ) قرأ أبو جعفر ، وأهل البصرة ، وعاصم ، وحمزة : و " يصلى " بفتح الياء خفيفا كقوله : " يصلى النار الكبرى " ( الأعلى - 12 ) وقرأ الآخرون بضم الياء [ وفتح الصاد ] وتشديد اللام كقوله : " وتصلية جحيم " ( الواقعة - 94 ) " ثم الجحيم صلوه " ( الحاقة - 31 ) .
إِنَّهُۥ كَانَ فِىٓ أَهْلِهِۦ مَسْرُورًا ﴿13﴾
التفسير:
"إنه كان في أهله مسروراً"، يعني في الدنيا، باتباع هواه وركوب شهوته.
إِنَّهُۥ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ﴿14﴾
التفسير:
"إنه ظن أن لن يحور"، أن لن يرجع إلينا ولن يبعث.
بَلَىٰٓ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرًۭا ﴿15﴾
التفسير:
ثم قال: "بلى"، أي: ليس كما ظن، بل يحور إلينا ويبعث، " إن ربه كان به بصيرا "، من يوم خلقه إلى أن بعثه.
فَلَآ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ ﴿16﴾
التفسير:
قوله - عز وجل - : ( فلا أقسم بالشفق ) قال مجاهد : هو النهار كله . وقال عكرمة : ما بقي من النهار . وقال ابن عباس وأكثر المفسرين : هو الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس . وقال قوم : هو البياض الذي يعقب تلك الحمرة .
وَٱلَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴿17﴾
التفسير:
( والليل وما وسق ) أي جمع وضم ، يقال : وسقته أسقه وسقا ، أي : جمعته ، واستوسقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت . والمعنى : والليل وما جمع وضم ما كان بالنهار منتشرا من الدواب ، وذلك أن الليل إذا أقبل أوى كل شيء إلى مأواه . روى منصور عن مجاهد قال : ما لف وأظلم عليه . وقال مقاتل بن حيان : أقبل من ظلمة أو كوكب . وقال سعيد بن جبير . وما عمل فيه .
وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ ﴿18﴾
التفسير:
( والقمر إذا اتسق ) اجتمع واستوى وتم نوره وهو في الأيام البيض . وقال قتادة : استدار ، وهو افتعل من الوسق الذي هو الجمع .
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍۢ ﴿19﴾
التفسير:
( لتركبن ) قرأ أهل مكة وحمزة والكسائي : " لتركبن " بفتح الباء يعني لتركبن يا محمد ( طبقا عن طبق ) قال الشعبي ومجاهد : سماء بعد سماء . قال الكلبي : يعني تصعد فيها . ويجوز أن يكون درجة بعد درجة ورتبة بعد رتبة في القرب من الله تعالى والرفعة .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن النضر ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر عن مجاهد قال قال ابن عباس : " لتركبن طبقا عن طبق " حالا بعد حال ، قال هذا نبيكم - صلى الله عليه وسلم - .وقيل : أراد به السماء تتغير لونا بعد لون ، فتصير تارة كالدهان وتارة كالمهل ، وتنشق بالغمام مرة وتطوى أخرى . وقرأ الآخرون بضم الباء ، لأن المعنى بالناس أشبه ، لأنه ذكر من قبل : " فأما من أوتي كتابه بيمينه " " وشماله " وذكر من بعد : " فما لهم لا يؤمنون " وأراد : لتركبن حالا بعد حال ، وأمرا بعد أمر في موقف القيامة ، يعني : الأحوال تنقلب بهم ، فيصيرون في الآخرة على غير الحال التي كانوا عليها في الدنيا . و " عن " بمعنى بعد .وقال مقاتل : يعني الموت ثم الحياة [ ثم الموت ثم الحياة ] .وقال عطاء : مرة فقيرا ومرة غنيا . وقال عمرو بن دينار عن ابن عباس : يعني الشدائد وأهوال الموت ، ثم البعث ثم العرض . وقال عكرمة : حالا بعد حال ، رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ . وقال أبو عبيدة : لتركبن سنن من كان قبلكم وأحوالهم .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن عبد العزيز ، أخبرنا أبو عمرو الصنعاني من اليمن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لتتبعن سنن من [ كان ] قبلكم شبرا شبرا وذراعا ذراعا ، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم " قلنا : يا رسول الله آليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ .
فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿20﴾
التفسير:
قوله عز وجل: "فما لهم لا يؤمنون"؟ استفهام إنكار.
وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْءَانُ لَا يَسْجُدُونَ ۩ ﴿21﴾
التفسير:
( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) قال الكلبي ومقاتل : لا يصلون .أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا قتيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة قال : سجدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في " اقرأ باسم ربك " " وإذا السماء انشقت " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا مسدد ، أخبرنا معمر قال : سمعت أبي قال حدثني بكر ، عن أبي رافع قال : صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت ، فسجد فقلت : ما هذا ؟ قال : سجدت بها خلف أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه .
بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يُكَذِّبُونَ ﴿22﴾
التفسير:
"بل الذين كفروا يكذبون"، بالقرآن والبعث.
وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ﴿23﴾
التفسير:
"والله أعلم بما يوعون". في صدورهم من التكذيب. قال مجاهد: يكتمون.
فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿24﴾
التفسير:
"فبشرهم بعذاب أليم".
إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍۭ ﴿25﴾
التفسير:
"إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون"، غير مقطوع ولا منقوص.
-