موقع شبكة الاسلام
70

سورة سُورَةُ المَعَارِجِ

مكية - 44 آيات

تفسير: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ سَأَلَ سَآئِلٌۢ بِعَذَابٍۢ وَاقِعٍۢ ﴿1﴾

التفسير:

يقول تعالى مبينا لجهل المعاندين، واستعجالهم لعذاب الله، استهزاء وتعنتا وتعجيزا: سَأَلَ سَائِلٌ أي: دعا داع، واستفتح مستفتح بِعَذَابٍ وَاقِعٍ

لِّلْكَٰفِرِينَ لَيْسَ لَهُۥ دَافِعٌۭ ﴿2﴾

التفسير:

[لِلْكَافِرينَ لاستحقاقهم له بكفرهم وعنادهم لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ أي: ليس لهذا العذاب الذي استعجل به من استعجل، من متمردي المشركين، أحد يدفعه قبل نزوله، أو يرفعه بعد نزوله، وهذا حين دعا النضر بن الحارث القرشي أو غيره من المشركين فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم إلى آخر الآيات.

مِّنَ ٱللَّهِ ذِى ٱلْمَعَارِجِ ﴿3﴾

التفسير:

فالعذاب لا بد أن يقع عليهم من الله، فإما أن يعجل لهم في الدنيا، وإما أن يؤخر عنهم إلى الآخرة ، فلو عرفوا الله تعالى، وعرفوا عظمته، وسعة سلطانه وكمال أسمائه وصفاته، لما استعجلوا ولاستسلموا وتأدبوا، ولهذا أخبر تعالى من عظمته ما يضاد أقوالهم القبيحة فقال: ذِي الْمَعَارِجِ

تَعْرُجُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍۢ كَانَ مِقْدَارُهُۥ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍۢ ﴿4﴾

التفسير:

[ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ أي: ذو العلو والجلال والعظمة، والتدبير لسائر الخلق، الذي تعرج إليه الملائكة بما دبرها على تدبيره، وتعرج إليه الروح، وهذا اسم جنس يشمل الأرواح كلها، برها وفاجرها، وهذا عند الوفاة، فأما الأبرار فتعرج أرواحهم إلى الله، فيؤذن لها من سماء إلى سماء، حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله عز وجل، فتحيي ربها وتسلم عليه، وتحظى بقربه، وتبتهج بالدنو منه، ويحصل لها منه الثناء والإكرام والبر والإعظام.وأما أرواح الفجار فتعرج، فإذا وصلت إلى السماء استأذنت فلم يؤذن لها، وأعيدت إلى الأرض.ثم ذكر المسافة التي تعرج إلى الله فيها الملائكة والأرواح وأنها تعرج في يوم بما يسر لها من الأسباب، وأعانها عليه من اللطافة والخفة وسرعة السير، مع أن تلك المسافة على السير المعتاد مقدار خمسين ألف سنة، من ابتداء العروج إلى وصولها ما حد لها، وما تنتهي إليه من الملأ الأعلى، فهذا الملك العظيم، والعالم الكبير، علويه وسفليه، جميعه قد تولى خلقه وتدبيره العلي الأعلى، فعلم أحوالهم الظاهرة والباطنة، وعلم مستقرهم ومستودعهم، وأوصلهم من رحمته وبره ورزقه ، ما عمهم وشملهم وأجرى عليهم حكمه القدري، وحكمه الشرعي وحكمه الجزائي.فبؤسا لأقوام جهلوا عظمته، ولم يقدروه حق قدره، فاستعجلوا بالعذاب على وجه التعجيز والامتحان، وسبحان الحليم الذي أمهلهم وما أهملهم، وآذوه فصبر عليهم وعافاهم ورزقهم.هذا أحد الاحتمالات في تفسير هذه الآية [الكريمة] فيكون هذا العروج والصعود في الدنيا، لأن السياق الأول يدل على هذا.ويحتمل أن هذا في يوم القيامة، وأن الله تبارك وتعالى يظهر لعباده في يوم القيامة من عظمته وجلاله وكبريائه، ما هو أكبر دليل على معرفته، مما يشاهدونه من عروج الأملاك والأرواح صاعدة ونازلة، بالتدابير الإلهية، والشئون في الخليقةفي ذلك اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة من طوله وشدته، لكن الله تعالى يخففه على المؤمن.

فَٱصْبِرْ صَبْرًۭا جَمِيلًا ﴿5﴾

التفسير:

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا أي: اصبر على دعوتك لقومك صبرا جميلا، لا تضجر فيه ولا ملل، بل استمر على أمر الله، وادع عباده إلى توحيده، ولا يمنعك عنهم ما ترى من عدم انقيادهم، وعدم رغبتهم، فإن في الصبر على ذلك خيرا كثيرا.

إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُۥ بَعِيدًۭا ﴿6﴾

التفسير:

إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا الضمير يعود إلى البعث الذي يقع فيه عذاب السائلين بالعذاب أي: إن حالهم حال المنكر له، أو الذي غلبت عليه الشقوة والسكرة، حتى تباعد جميع ما أمامه من البعث والنشور، والله يراه قريبا، لأنه رفيق حليم لا يعجل، ويعلم أنه لا بد أن يكون، وكل ما هو آت فهو قريب.

وَنَرَىٰهُ قَرِيبًۭا ﴿7﴾

التفسير:

إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا الضمير يعود إلى البعث الذي يقع فيه عذاب السائلين بالعذاب أي: إن حالهم حال المنكر له، أو الذي غلبت عليه الشقوة والسكرة، حتى تباعد جميع ما أمامه من البعث والنشور، والله يراه قريبا، لأنه رفيق حليم لا يعجل، ويعلم أنه لا بد أن يكون، وكل ما هو آت فهو قريب.

يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ ﴿8﴾

التفسير:

أي: يَوْمِ القيامة، تقع فيه هذه الأمور العظيمة ف تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وهو الرصاص المذاب من تشققها وبلوغ الهول منها كل مبلغ.

وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ﴿9﴾

التفسير:

وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وهو الصوف المنفوش، ثم تكون بعد ذاك هباء منثورا فتضمحل، فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار؟

وَلَا يَسْـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمًۭا ﴿10﴾

التفسير:

أليس حقيقا أن ينخلع قلبه وينزعج لبه، ويذهل عن كل أحد؟ ولهذا قال: وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا

يُبَصَّرُونَهُمْ ۚ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍۭ بِبَنِيهِ ﴿11﴾

التفسير:

[ يُبَصَّرُونَهُمْ أي: يشاهد الحميم، وهو القريب حميمه، فلا يبقى في قلبه متسع لسؤال حميمه عن حاله، ولا فيما يتعلق بعشرتهم ومودتهم، ولا يهمه إلا نفسه، يَوَدُّ الْمُجْرِمُ الذي حق عليه العذاب لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ

وَصَٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ ﴿12﴾

التفسير:

[ وَصَاحِبَتِهِ أي: زوجته وَأَخِيهِ

وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِى تُـْٔوِيهِ ﴿13﴾

التفسير:

[وَفَصِيلَتِهِ أي: قرابته الَّتِي تُؤْوِيهِ أي: التي جرت عادتها في الدنيا أن تتناصر ويعين بعضها بعضا، ففي يوم القيامة، لا ينفع أحد أحدا، ولا يشفع أحد إلا بإذن الله.

وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًۭا ثُمَّ يُنجِيهِ ﴿14﴾

التفسير:

بل لو يفتدي [المجرم المستحق للعذاب] بجميع ما في الأرضِ ثم ينجيه لم ينفعه ذلك.

كَلَّآ ۖ إِنَّهَا لَظَىٰ ﴿15﴾

التفسير:

كلًّا أي: لا حيلة ولا مناص لهم، قد حقت عليهم كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ، وذهب نفع الأقارب والأصدقاء إِنَّهَا لَظَى.

نَزَّاعَةًۭ لِّلشَّوَىٰ ﴿16﴾

التفسير:

[ نَزَّاعَةً لِلشَّوَى أي: للأعضاء الظاهرة والباطنة من شدة عذابها .

تَدْعُوا۟ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ ﴿17﴾

التفسير:

تَدْعُوا إليها مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وجمع فأوعى أي: أدبر عن اتباع الحق وأعرض عنه، فليس له فيه غرض، وجمع الأموال بعضها فوق بعض وأوعاها، فلم ينفق منها، فإن النار تدعوهم إلى نفسها، وتستعد للالتهاب بهم.

وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰٓ ﴿18﴾

التفسير:

تَدْعُوا إليها مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وجمع فأوعى أي: أدبر عن اتباع الحق وأعرض عنه، فليس له فيه غرض، وجمع الأموال بعضها فوق بعض وأوعاها، فلم ينفق منها، فإن النار تدعوهم إلى نفسها، وتستعد للالتهاب بهم.

۞ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿19﴾

التفسير:

وهذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية، أنه هلوع.

إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعًۭا ﴿20﴾

التفسير:

وفسر الهلوع بأنه: إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا فيجزع إن أصابه فقر أو مرض، أو ذهاب محبوب له، من مال أو أهل أو ولد، ولا يستعمل في ذلك الصبر والرضا بما قضى الله.

وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿21﴾

التفسير:

وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا فلا ينفق مما آتاه الله، ولا يشكر الله على نعمه وبره، فيجزع في الضراء، ويمنع في السراء.

إِلَّا ٱلْمُصَلِّينَ ﴿22﴾

التفسير:

إِلَّا الْمُصَلِّينَ الموصوفين بتلك الأوصاف فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله، وأنفقوا مما خولهم الله، وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا.

ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ ﴿23﴾

التفسير:

وقوله [في وصفهم] الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ أي: مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها.وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلها وقتا دون وقت، أو يفعلها على وجه ناقص.

وَٱلَّذِينَ فِىٓ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّۭ مَّعْلُومٌۭ ﴿24﴾

التفسير:

وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ من زكاة وصدقة

لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ ﴿25﴾

التفسير:

لِلسَّائِلِ الذي يتعرض للسؤال وَالْمَحْرُومِ وهو المسكين الذي لا يسأل الناس فيعطوه، ولا يفطن له فيتصدق عليه.

وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ ﴿26﴾

التفسير:

وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ أي: يؤمنون بما أخبر الله به، وأخبرت به رسله، من الجزاء والبعث، ويتيقنون ذلك فيستعدون للآخرة، ويسعون لها سعيها. والتصديق بيوم الدين يلزم منه التصديق بالرسل، وبما جاءوا به من الكتب.

وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴿27﴾

التفسير:

وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ أي: خائفون وجلون، فيتركون لذلك كل ما يقربهم من عذاب الله.

إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍۢ ﴿28﴾

التفسير:

إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ أي: هو العذاب الذي يخشى ويحذر.

وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ ﴿29﴾

التفسير:

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ فلا يطأون بها وطأ محرما، من زنى أو لواط، أو وطء في دبر، أو حيض، ونحو ذلك، ويحفظونها أيضا من النظر إليها ومسها، ممن لا يجوز له ذلك، ويتركون أيضا وسائل المحرمات الداعية لفعل الفاحشة.

إِلَّا عَلَىٰٓ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿30﴾

التفسير:

إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ أي: سرياتهم فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ في وطئهن في المحل الذي هو محل الحرث.

فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ ﴿31﴾

التفسير:

فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ أي: غير الزوجة وملك اليمين، فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ أي: المتجاوزون ما أحل الله إلى ما حرم الله، ودلت هذه الآية على تحريم [نكاح] المتعة، لكونها غير زوجة مقصودة، ولا ملك يمين.

وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ ﴿32﴾

التفسير:

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ أي: مراعون لها، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربه، كالتكاليف السرية، التي لا يطلع عليها إلا الله، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق، في الأموال والأسرار، وكذلك العهد، شامل للعهد الذي عاهد عليه الله، والعهد الذي عاهد عليه الخلق، فإن العهد يسأل عنه العبد، هل قام به ووفاه، أم رفضه وخانه فلم يقم به؟.

وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمْ قَآئِمُونَ ﴿33﴾

التفسير:

وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ أي: لا يشهدون إلا بما يعلمونه، من غير زيادة ولا نقص ولا كتمان، ولا يحابي فيها قريبا ولا صديقا ونحوه، ويكون القصد بها وجه الله.قال تعالى: وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ .

وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿34﴾

التفسير:

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ بمداومتها على أكمل وجوهها.

أُو۟لَٰٓئِكَ فِى جَنَّٰتٍۢ مُّكْرَمُونَ ﴿35﴾

التفسير:

أُولَئِكَ أي: الموصوفون بتلك الصفات فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ أي: قد أوصل الله لهم من الكرامة والنعيم المقيم ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون.وحاصل هذا، أن الله وصف أهل السعادة والخير بهذه الأوصاف الكاملة، والأخلاق الفاضلة، من العبادات البدنية، كالصلاة، والمداومة عليها، والأعمال القلبية، كخشية الله الداعية لكل خير، والعبادات المالية، والعقائد النافعة، والأخلاق الفاضلة، ومعاملة الله، ومعاملة خلقه، أحسن معاملة من إنصافهم، وحفظ عهودهم وأسرارهم ، والعفة التامة بحفظ الفروج عما يكره الله تعالى.

فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ﴿36﴾

التفسير:

يقول تعالى، مبينا اغترار الكافرين: فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ أي: مسرعين.

عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ ﴿37﴾

التفسير:

عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ أي: قطعا متفرقة وجماعات متوزعة ، كل منهم بما لديه فرح.

أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِئٍۢ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍۢ ﴿38﴾

التفسير:

أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ بأي: سبب أطمعهم، وهم لم يقدموا سوى الكفر، والجحود برب العالمين.

كَلَّآ ۖ إِنَّا خَلَقْنَٰهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ﴿39﴾

التفسير:

قال: كلَّا [أي:] ليس الأمر بأمانيهم ولا إدراك ما يشتهون بقوتهم. إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ أي: من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، فهم ضعفاء، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.

فَلَآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ ﴿40﴾

التفسير:

هذا إقسام منه تعالى بالمشارق والمغارب، للشمس والقمر والكواكب، لما فيها من الآيات الباهرات على البعث

عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًۭا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿41﴾

التفسير:

وقدرته على تبديل أمثالهم، وهم بأعيانهم، كما قال تعالى: وَنُنْشِئَكُمْ فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ . وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي: ما أحد يسبقنا ويفوتنا ويعجزنا إذا أردنا أن نعيده. فإذا تقرر البعث والجزاء، واستمروا على تكذيبهم، وعدم انقيادهم لآيات الله.

فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا۟ وَيَلْعَبُوا۟ حَتَّىٰ يُلَٰقُوا۟ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ ﴿42﴾

التفسير:

فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا أي: يخوضوا بالأقوال الباطلة، والعقائد الفاسدة، ويلعبوا بدينهم، ويأكلوا ويشربوا، ويتمتعوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ فإن الله قد أعد لهم فيه من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم.

يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلْأَجْدَاثِ سِرَاعًۭا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍۢ يُوفِضُونَ ﴿43﴾

التفسير:

ثم ذكر حال الخلق حين يلاقون يومهم الذي يوعدون، فقال: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ أي: القبور، سِرَاعًا مجيبين لدعوة الداعي، مهطعين إليها كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ أي: [كأنهم إلى علم] يؤمون ويسرعون أي: فلا يتمكنون من الاستعصاء للداعي، والالتواء لنداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين للقيام بين يدي رب العالمين.

خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌۭ ۚ ذَٰلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِى كَانُوا۟ يُوعَدُونَ ﴿44﴾

التفسير:

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وذلك أن الذلة والقلق قد ملك قلوبهم، واستولى على أفئدتهم، فخشعت منهم الأبصار، وسكنت منهم الحركات، وانقطعت الأصوات.فهذه الحال والمآل، هو يومهم الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ولا بد من الوفاء بوعد الله [تمت والحمد لله].

مشغل القرآن
لا يوجد سورة محددة

-

00:00 / 00:00
إحصائيات المنتدى
عدد المواضيع في المنتدى 1,424
عدد المشاركات في المنتدى 0
عدد الاعضاء في الموقع 9
المستخدمين المتصلين 0
آخر عضو مسجل Richard Edward
الأعضاء المتصلون
المجموع: 0 عضو متصل